الروائى الجزائرى واسينى الأعرج
يكتب
أحاول أن أكتب وأتتبع الفضائيات المصرية والصحافة
الجزائرية المكتوبة، وأشعر بنفسى غريبا
وحزينا وسط ضجيج قاتل غطى على كل حكمة وتبصر
هل يعقل أن تختزل مصر العظيمة التى
منحتنا الكثير من السعادة الثقافية فى وجوه ما زلنا إلى اليوم نفتخر
بها ونعتبرها مناراتنا الثقافية
فى كرة قدم لا تتعدى لحظة شجنها وحبها وصراعها التسعين دقيقة؟
وهل يعقل أن يتحول شعب
بكامله بشهدائه إلى مجموعة من الزعران والإرهابيين والقتلة؟
كيف أتوازن أنا الذى كان لوالده وأعمامه شرف الانضمام إلى قافلة
المليون ونصف المليون شهيد؟
كيف أقبل أن تبتذل صورة مصر المقاومة التى اخترقت المستحيلات
فى حرب 73 ضد الكيان
الصهيونى مدمرة خط بارليف المستحيل؟ إلى صورة باهتة للعمالة؟
هل يعقل أن يكون الجزائريون أميون وعاجزون لغويا فى وقت نعرف
فيه أن التواصل بين بلدينا
فتح المسالك لعلماء لغويين وفقهاء وصوفيين ليعبروا نحو الكنانة
لتقاسم العلم والصوفية والعروبة؟
أكاد لا أصدق كيف أصبحت مصائرنا بين أيدى إعلاميين عاجزين
يفترض أن يحاكموا فى مصر والجزائر، لا أن يصمت على ممارساتهم
هم سبب الحرائق التى مست كل القطاعات. مندهش كيف ينغمس
الكثير من المثقفين والفنانين فى عمق اللعبة؟
ألم يكن من المفترض الرد على ذلك بصرامة بعزل رواد الفتنة
والخراب الذين لا حساب لهم فى النهاية إلا عدد زوار القنوات
أو عدد مقتنى جرائد الفتنة
موجوع أنا من حرب خاسرة من أولها إلى آخرها التى لا شىء
من ورائها إلا مزيدا من الأحقاد طعمها النهائى فى الأخير الناس
البسطاء فى البلدين الذين ينتظرون حلولا حقيقية لمشاكلهم ولبؤسهم
اليومى
ستنتهى الكرة، ستنتهى الأفراح والأحزان، ونعود من جديد لنفتح
أعيننا على تخلف مدقع وعلى أنظمة عربية متهالكة وخوف لا نحسد
عليه من المستقبل. ثم ماذا لو فاجأنا العالم بخيار أمثل وعظيم بفريق
كروى مشترك يمثل العرب فى أكبر تظاهرة رياضية عالمية؟
فريق واحد يتبادل فيه الحضرى مواقع الحراسة مع الوناس قواوى،
وزيانى وأبو تريكة مواقع الهجوم ووو... وعلى نفس المنصة يجلس
الشيخان الحالمان بالكأس الأخيرة
شحاتة، وسعدان برصانتهما وحكمتهما؟
يبدو الاقتراح مضحكا وبعيد المنال فى ظل الضغينة المستشرية
مع أنه بشىء من السخاء كنا اقترحنا على الفيفا وناضلنا من أجل تمثيل
عربى موحد وكبير
وخرجنا بسرعة من منطق الحروب والعداوات الرخيصة؟
موجوع إذ لا قوة فى الدنيا تمنعنى من حب مصر العظيمة، مصر التى
أعرفها من رجالاتها التاريخيين العظام الذين غيروا وجه الوطن العربى
ومنحوه فرصة الحلم والتثقف واللقاء مع الآخر والليبيرالية وحب التقدم
وحرية المرأة ولا قوة فى الدنيا تنتزع منى حق حب جزائر ما تزال
رفاة شهدائها بعد مرور قرابة النصف قرن من الاستقلال تذكرنا باستماتة
أهاليها، عربا وبربرا، من أجل حق لا يموت
لا قوة تمنعنى من الدم المشترك الذى جمع الشعبين فى الحروب القديمة
والحديثة
لا قوة فى الدنيا تستطيع أن تمزق هذه الثنائية العظيمة التى تكوننى
وتعطى معنى لخياراتى الحياتية
No comments:
Post a Comment