Sunday, November 29, 2009

مهزلة" بين مصر والجزائر، فهل من عاقل ؟

أحمـــــــد عطـــــــا


هل يُعقل ما يحدث بين جماهير مصر والجزائر حالياً ؟ أو بالأحرى هل يُعقل ما يحدث بين صحافة مصر والجزائر ؟ هل وصل بنا الأمر إلى هذه الدرجة من الإنحطاط في المستوى الفكري والأخوي والتاريخي واللغوي وكل شيء يدور في بالك حول علاقة مصر والجزائر العميقة جداً والتي لا يمكن أن تهزها مباراة كرة قدم.

كلام خطابي صح ؟ قد يقول البعض ذلك فعلاً لكن دهشتي وضيقي أعمق من أكتب كلاماً خطابياً في لحظتنا هذه.كنت أنوي كتابة مقال عن موضوع آخر تماماً لكن الوضع جد سيء وهناك أطراف كثيرة تنفخ في النار.. لامنا البعض على نشرنا للأخبار المتبادلة بين صحافة البلدين لكن اللوم في حقيقة الأمر يعود إلى المصدر، فنحن في هذه اللحظة نقوم بدورنا في الكشف عن كل شيء حتى وإن لم نقتنع بما يقال وكثيراً ما يحدث معنا هذا حتى في أخبار الكرة الأوروبية، ويبقى اللوم أو حقيقة الخبر ومصداقيته مسؤولية كاتبه وليس ناقله.

كنت دائماً مقتنعاً بالمنافسة في كرة القدم، وأن الأندية لابد وأن تكون في حالة منافسة بحيث يتمنى النادي فشل الآخر لأن نجاحه جزء منه فشل المنافس فالنادي لن يفوز ببطولة إلا إذا خسرها الفريق الآخر وبالتالي فالعلاقة التنافسية الشديدة والتي قد تصل إلى العدائية ربما تكون مقبولة وذكرت هذا الأمر من قبل، لكن البعض يخلط بين الأندية والمنتخبات. المنتخبات تمثل بلداً بمعنى الكلمة، ووصول الأمر إلى السخرية من أئمة البلدين مهزلة كبيرة والحديث عن كره البلد الآخر أكثر من إسرائيل نفسها مهزلة أكبر.

الكلام الخطابي فعلاً هو إدعاء البعض أنه لن تفرق من يتأهل لكأس العالم فالفريقان عربيان !.. وكأن مصر والجزائر هما البرازيل والأرجنتين .. عضوان دائمان في أكبر بطولة على سطح كوكبنا هذا ويملكان "ترف" التنازل والغياب عن بطولة لأجل الآخر، لكن لن تكون مبالغة حين يقول كثيرون منا إذا لم يتأهل منتخب بلادي فأتمنى تأهل المنتخب العربي الآخر.

الأمر أدعى أن نقف مع بعض كعرب إذا لم نوفق نحن – سواء مصر أو الجزائر- وأن نتمنى تأهل الفريق الآخر بدلاً من زامبيا مثلاً لأن العرب يكادون يختفون من كأس العالم القادمة فالمغرب تكاد تخرج وتونس تنتظرها مواجهة صعبة أمام نيجيريا لا يعلم أحد إلا الله كيفية خروج نسور قرطاج منها، ولم يتأهل أي منتخب عربي آسيوي مباشرة ويتبقى الأمل في السعودية أو البحرين لخوض "الملحق" الذي يمكن أن يصبح كابوساً آسيوياً..!

لا يوافقني البعض ؟ إذاً لنرجع بالزمن أحد عشر سنة إلى الوراء حينما كانت مصر في نفس المجموعة مع تونس وتأهلت الأخيرة على حسابها، هل نذكر حجم التعاطف الذي كان مع نسور قرطاج أمام إنجلترا ثم أمام كولومبيا ورومانيا رغم أن التونسيين كانوا سبباً رئيسياُ في خروج مصر من التصفيات. هذا الأمر بديهي وطبيعي و"فطري" عملاً بالمثل المصري القائل "أنا وأخويا على ابن عمي، وأنا وابن عمي على الغريب".أقول هذا بوصفي مصرياً وأنا متأكد من أن الأخوة الجزائريون مروا بتجارب مماثلة ولدي من أصدقائي الجزائريين من يؤكد لي هذا.

لن نُفكّر كثيراً فيمن بدأ ومن أخطأ أكثر في حق الآخر، فالرسول الكريم -صلي الله عليه وسلم- عندما قال حديثه عن مخاصمة الصديقان لم يأتِ على ذكر تفاصيل المخاصمة نفسها بل كل ما قاله هو "خيركم من يبدأ بالسلام" ولم يقل أكثركم خطأ أو من بدأ بالخطأ هو من يبدأ بالسلام.

حتى وإن لم يؤثر هذا المقال بطريقة تُذكر فأنا جد واثق أن ما يحدث حالياً هو سحابة صيف وهو الإستثناء وليس القاعدة وواثق من أن الإنفعال الذي يمر به بعضنا في مباراة مصر والجزائر سيتلاشى عندما نرى أحدهما يلعب في كأس العالم وسنرى مشجعين جزائريين لمصر أو مشجعين مصريين للجزائر عندما يتأهل أحدهما إلى جنوب أفريقيا العام القادم بإذن الله.



مــصــــدر الـــمقــــال


No comments: